فيكتور يروفييف
الكاتب في سطور :
* فيكتور يروفييف من مواليد موسكو عام 1947م أنهى كلية الآداب جامعة موسكو الحكومية عام 1970م . وفى عام 1973م حصل على الدكتوراه من معهد الأدب العالمى . بدأ شهرته بنشر مقالات عن ماركيز دى ساد فى مجلـة " قضايا الأدب " الروسية عام 1973م . له روايات وكتب نقدية عديدة منها " الجميلة الروسية " و " المحكمـة الرهيبة " و " زهور الشر الروسية " .
******
ترجمة : أشرف الصبَّاغ
حدث وأن أصبح الجميع ، عندنا فى روسيا ، على نحو ما ـ تيوسا .
رؤساء العمل ـ تيوس .
المرؤوسون ـ تيوس .
الديمقراطيون ـ تيوس .
الشيوعيون ـ تيوس .
الانتلجنسيا ـ تيوس .
الشباب ـ تيوس .
العمال ـ تيوس .
الروس الجدد ـ تيوس .
المحالون على المعاش ـ تيوس .
العلماء ـ تيوس .
الفلاحون ، بالطبع ، أيضا ـ تيوس .
فى الجيش ـ كلهم تيوس ، من الجنود إلى الجنرالات .
ومن البديهى أن يكون الرئيس أيضا ـ التيس الرئيسى .
كل ذلك ، مثل الوباء ، يوقظ بعض الشئ . وتكون النتيجة أننا نعيش فى دولة تيسية مطلقة ، حيث يتضح أن الغالبية العظمى منا تيوس مرتين وثلاث حينما يجمعون بين الأدوار المختلفة للتيوس . وعلى أية حال لم يكن الجميع فى الماضى تيوسا . فعلى سبيل المثال ، كان هناك استثناء لرواد الفضاء . ومن المشكوك فيه أن أحدا ما قد سمَّى جاجارين تيسا . ولكن صار رواد الفضاء الآن تيوسا أيضا . والشعراء ـ أيضا تيوس . والمغنون المشهورون على وجه الخصوص ـ تيوس . حتى الأجانب فـى روسيا ، أولئك الذين كانوا حتى وقت قريب يتمتعون بالامتيازات ، أصبحوا أيضا تيوسا لا تقل أو تزيد عن التيوس المحلية .
من جهة أخرى ، فالكثير من الشخصيات الروسية التاريخية التى رحلت عنا ، من أمثال لينين ـ دخلت فى زمرة التيوس . لدينا ماض تيسى . وتَشَكَّل لدينا وضع تيسى ، حتى على الجبهة الجنسية . وإذا أخذنا فى اعتبارنا أن كمية غير قليلة من النساء الروسيات ترى أن الرجال الروس تيوس ، فالوضع يصبح أشد خطرا . وبالتالى فكل ما يجرى فى روسيا ـ أمر بديهى .
التيس ـ كلمة كريهة ، سباب حاد ، أشد من كلمات السباب بالأم . ولعله أشهر سباب فى روسيا فى يومنا هذا . فهو لا يعرف أية حدود للعمر ، حتى المربون فى رياض الأطفال يستخدمونه .
إذا كان سكان الدولة من الرجال يقعون تحت طائلة القانون التيسى ، معنى ذلك أنه من اللازم أن يتم التعامل معنا مثلما يتم مع التيوس . أولا ـ لا يجوز إطلاقا أن يكون التيس محبوبا . أبدا . الشاذون ، أولئك المجانين المهتمين جنسيا بالحيوانات ، هم فقط الذين يحبون التيوس . ثانيا ـ لا يوجد أى احترام للتيس . وفى النهاية ـ لا يوجد أى أسف أو حزن عند ذبح التيس . التيس ـ ليس صديق الإنسان . والتراجيديا لدى اليونانيين القدماء كانت تسمى أغنية تيسية ، وهذا يعنى أنه لن يكون هناك أى مستقبل فى بلادنا . فالتيوس لا تملك مستقبل . ومن الصعب أن نجادل فى ذلك .
ولكن ألا يمكن أن نشك فى الاستنتاج الأولى ؟ فالسباب ـ ليس كنية أو اسم مستعار . ولو حتى كنا تيوسا ، فنحن تيوس بين الأقواس ، أى بالمعنى المجازى حصرا . ومع ذلك ، فهذا لا يعلل أو يواسى ، لأن التيس المجازى كائن متعفن روحيا ، الأمر الذى يعتبر أيضا فى غاية السوء .
فهل من الممكن أن نبرهن بحق أننا لسنا تيوسا ؟ إذن فأية براهين لدينا يمكن أن نقدمها إلى صديقاتنا وزوجاتنا على أننا لسنا تيوسا ؟ مَنْ مِنَّا فى قرارة نفسه لم يسب نفسه بالتيس ؟ مَنْ مِنَّا لم يجلد نفسه بسبب انتمائه التيسى ؟ إن الهوية التيسية والوعى التيسى موجودان بداخل كل منا . وفى هذا لب القضية . فالتيس يريد أن يرى الجميع تيوسا ، وبخلاف ذلك سيعز عليه الأمر ، سيحزن ويتضايق .
هل هناك أى مخرج من هذا الوضع الناشئ ؟
نحن الشعب المؤمن ، الذى يعشق تعاويذ السحرة ورقيهم ، يجب أن نجمع العالم كله : الشباب ورجال الشرطة والشيوعيون والمحالون على المعاش والروس الجدد ، ونشرع فى الغناء :
نحن ـ لسنا تيوسا .
تيوس ـ ليس نحن .
يجب أن نكرر ذلك إلى مالا نهاية وعلى تنويعات موسيقية مناسبــة : راب ... راب ... أو ... تم ...تم . بإيقاع هادئ .. وصاخب . بسرعة وببطء . بعقل وبدون عقل . ولكن الرئيسى هنا هو أن يكون الجميع مبتهجين فرحين مهللين :
نحن ـ لسنا تيوسا .
تيوس ـ ليس نحن .
عندئذ سيكون كل شئ على ما يرام